في جزمه بنزول جبريل عليه السلام وصلاته معه! وخرافة الحجر العجيب!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فقد كثر الكلام عما أشيع عن أحمد الحواشي، وما عليه من طريقة في إطالة الصلوات، وكثرة الختمات في رمضان وفي غيرها، وما يتبع ذلك من بعض الغرائب والشذوذات، حتى ختمها بتصريحه وإذاعته بأن جبريل والملائكة صلوا معهم ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان 1436هـ، ويقسم على ذلك، وأعاد هذا الجزم والتأكيد في خطبة صلاة العيد!
فأقـــــــول:
أما ما اشتهر عنه من طول صلاته بالناس:
فهذا خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجماعة، وهو الأرحم بأمته، والأرفق بهم، وأمره يجب أن يمتثل به لما ثبت في الصحيحين عن أبي مسعود رضي الله عنه أن رجلا، قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا منه يومئذ، ثم قال: «إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة».
وفيهما عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم للناس، فليخفف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء».
وهذا صريح في الأمر النبوي الذي لا صارف له؛ في وجوب تخفيف الإمام الراتب بالناس، وعدم إلحاق المشقة بهم، وما جاء من القراءة بالطول كالأعراف إنما هو في النادر القليل العارض، وليس في المطرد الدائم، وتكون الإطالة في صلاة الفرد.
فما يصنعه لا شك أنه مخالف للسنة، والواجب على ولي أمر المسلمين الأخذ على يده، ومنعه من ذلك.
أما كثرة الختمات في شهر رمضان:
فلا شك أن الصحيح جواز الإكثار من ختم القرآن في شهر رمضان، ولا يشترط أن تكون الختمة في الصلاة، ولكن من أراد أن يختم في الصلاة فلا بأس، والكلام عن ختمها جماعة مرتبط بما تقدم بعدم جواز الإطالة بالناس، والاعتدال في القيام، وأعدله قيام النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزد النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءته في شهر رمضان عن مرة واحدة، إلا في العام الذي قُبض فيه فقرأه في رمضان مرتين، مع جبريل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
وأمور السرائر عند الله تعالى، وهو المطّلع على النيات والمقاصد، ولكنّ ما ينكر على هذا الرجل والقائمين على مسجده هو: الدعاية للختمات، والتنافس بها، وهذا خلاف الصدق والإخلاص، وقيام الليل عبادة الأصل فيها الإسرار والخفاء، والخلوة بالله تعالى، وشرعت صلاة التراويح لأنها شعار لأهل الإسلام، فكان الأعدل أن يعمل على ما كان عليه السلف الصالح، ولا يغادر طريقتهم في القراءة، مع الميل لعدم الظهور، وطلب الشهرة بهذا الأمر، ونشره عبر مواقع البث المباشر!
أما جزمه بليلة القدر:
وأنها ليلة التاسع والعشرين، بل وأن جبريل عليه السلام والملائكة صلوا معهم تلك الليلة! بل ويقول في دعاء قنوته: (نرحب بالملك جبريل عليه السلام وبمن معه) وقال في خطبته في صلاة العيد: (نزل به جبريل الذي نزل علينا في ليلة تسع وعشرين وشاركنا الصلاة والقيام في كوكبة من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله).
وهذا كله من التجاسر والقول على الله بغير علمٍ ولا هدىً ولا كتابٍ منير، فليلة القدر على القول الصحيح: مخفية ومتنقلة؛ ولو علم بها أحدٌ لعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم وجلاها لأمته، وقد جاء في السنة أخبار صحاح في كونها مرة ليلة الحادي والعشرين وفي أخرى غير ذلك، وكلُّها أخبارٌ صحيحة، ومن جزم من الصحابة وأهل العلم بأي ليلة من الليالي إنما هو من الاجتهاد، أو يعني به ليلة معينة في عام معيّن، ولو قيل بصحة الجزم فإنني لا أعلم أحداً من السلف وأهل العلم من عهد الصحابة إلى اليوم من جزم بنزول جبريل فيها وصلاته مع الناس، وقول الله تعالى عن ليلة القدر: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: 4] الرُّوح هو جبريل على قول أكثر المفسرين، ولكن لم يثبت في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصلي مع الناس! ويصافحهم، وإنما غاية ما جاء مجرد النزول بما قضى الله تعالى من أمر، فكيف يقول الحواشي: (شاركنا الصلاة والقيام في كوكبة من الملائكة) ومن المشارَك –بفتح الراء- أنتم أم غيركم من المسلمين؟ وما يدريك أنه شارك؟ بل ما يدريك أنها ليلة القدر؟! وقد خرج هذا العام أكثر من واحدٍ بقرائنهم وتصاويرهم الصباحية كلهم يدعي أن الليلة الفلانية هي ليلة القدر؟
أو كلما صفى بال أحدهم تلك الليلة، وشعر بسكينة، صاح في الناس وقال هي ليلة القدر؟
إن ما جاء في ذكر أوصافها هي مجرد علامات يطبق عليها الناس، ولا يجزم بها شخص واحد، وهي محلّ الظن، فما نظنّ إلا ظنا وما نحن بمستيقنين، وإنما نتحرى، ونسدد ونقارب، ونرجو ونؤمل، ونجتهد في العشر وليالي الوتر، وما زاد عن ذلك فالسكوت هو خير، ولزوم منهج السلف فيما قالوا، وفيما سكتوا هو الأسلم والأقوم للحواشي وغيره لو كانوا يعلمون.
خـــــــــــــــــــــاتـمــــــــــة:
وقد جاء عن الحواشي صنوفٌ من الغرائب والشواذ، وأشنعها عندي وأبشعها خرافة الحجر الأسود العجيب! (https://www.youtube.com/watch?v=nf4pikzwyok) ويزعم: أن الله أرسله إلينا لما كتم الناس دين الله ولم يبينوه! وأن فيه آيات عديدة، وأنه يشبه قارات الأرض، والجبال التي أمرنا الله بالنظر فيها، ويشبه وجه الإنسان! ويشبه المريء والكبد، وجاء بكلام عجيبٍ وغريبٍ فيه ترونه وتسمعونه في الرابط المشار إليه أعلاه.
وهذه خرافةٌ وسخافةٌ لا يقولها إلا الحمقى، وأهل الضلال والشعوذة، وما في الوجود حجرٌ أطهر ولا أكرم من الحجر الأسود الذي هو قبلة العالمين! ومع ذلك لا يوجد فيه شيءٌ من الأوصاف التي ذكرها الحواشي في حجره! بل ولا يملك ضراً ولا نفعاً كما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استلم الحجر الأسود: «أما والله، إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استلمك ما استلمتك».
فماذا يريد الحواشي أن نصنع بحجره حتى يذيع ذلك في الإعلام، وينادي الناس إليه؟
إن هذه الخرافة تكشف مبلغ دين الرجل وعقله، والله المستعان.
بسم الله الرحمن الرحيم
براءة الحنابلة من عقيدة التجهيل
والرد على الحنابلة الجدد فيما يزعمون
وبيان انحرافهم في الاعتقاد
للشيخ الدكتور بدر بن علي بن طامي العتيبي
الرد على الحواشي